الثلاثاء، 30 يونيو 2015

الحكومة الإسرائيلية تواجه المعارضة اليوم: الخلاف يتواصل بشأن تقاسم الغاز مع الشركات



حلمي موسى - السفير

في خطوة تعبّر عن الارتباك، أقرت الحكومة الإسرائيلية في جلستها الأسبوعية، أمس، نقل الصلاحيات بشأن خطة تقاسم الغاز الطبيعي مع شركات الاستخراج. ومن المقرر أن تعقد الكنيست بكامل قوامها اجتماعاً اليوم للمصادقة على هذه الخطوة، وهو أمر يعتقد أنه سيقود إلى مجابهة واسعة مع المعارضة.
وكانت الأزمة قد بدأت حين رفض وزير الاقتصاد أرييه درعي استخدام صلاحياته للاعتراض على رفض المسؤول عن القيود التجارية خطة الحكومة لتقاسم عائدات الغاز مع شركات الإنتاج، لاعتبارات تتعلق بحقوق المنافسة في السوق.



 
وقد اعتبر المسؤول عن القيود التجارية ديفيد غيلر أن شركتي «نوبل إنرجي» و «ديلك» احتكاراً ينبغي تفكيكه. ولم تجد كل السبل في إقناعه بإلغاء اعتراضه، ما أثار جدلاً واسعاً حول علاقة رأس المال برجال السياسة. واتهم كثيرون رجال السياسة ببيع المال العام لأصدقائهم من رجال الأعمال، ما دفع عدداً من السياسيين إلى إبعاد أنفسهم عن دائرة اتخاذ القرار.
وفي البداية رفض وزير المالية موشي كحلون أن يكون صاحب قرار بهذا الشأن، نظراً إلى علاقات سابقة له مع أصحاب شركات لها ضلع بالموضوع. وعندما انتقل الأمر إلى وزير الاقتصاد أرييه درعي، الذي كان سجيناً بتهم تتعلق بالفساد، آثر ألا يتورط من جديد في قضايا تفتح عليه النار، فقرر نقل صلاحياته، بحسب المادة 52، للحكومة بكاملها. وسرعان ما تبين أن نقل الصلاحيات للحكومة يتطلب مصادقة الكنيست، ما يعرّض الحكومة لابتزاز كل عضو في الائتلاف وقطاعات من خارجه وقد يتسبب بأزمة وزارية.
وأشار غيلر إلى أن الخطة التي تريدها الحكومة تسمح لـ «نوبل إنرجي» و«ديلك» بالاحتفاظ بوضعية احتكارية في مجال الغاز الطبيعي. وكان المخرج الوحيد لتجاوز قرار غيلر هو الإعلان عن خطة الغاز بأنها موضوع استراتيجي واستخدام الصلاحيات الموجودة في البند 52. لكن، كما سلف، رفض درعي في جلسة الحكومة السابقة ذلك، وطالب بنقل المسؤولية عن استخدام البند 52 للحكومة بكامل قوامها.
واعتبرت أوساط حكومية أن قرار درعي التخلي عن صلاحيته نبع من اعتبارات «شعبوية»، وأنه بذلك يريد التقرب من الهيئات الاجتماعية و«الشعبية» التي عارضت خطة التقاسم، خشية أن تلحق الضرر بالطبقات الفقيرة. ورغم غضب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو الشديد على خطوة درعي، إلا أن الأصوات لم ترتفع ضده في الحكومة وداخل الائتلاف خشية نشوب أزمة وزارية. ومعروف أن الائتلاف الحالي يستند فقط إلى تأييد 61 نائباً في الكنيست، أي النصف زائداً واحداً، وهذا وضع لا يسمح لنتنياهو بترف التشاجر مع وزرائه.
وفي مستهل جلسة الحكومة، قال نتنياهو، الذي يتعرض لانتقادات شديدة بسبب علاقاته مع كبار رجال الأعمال، «إننا في نهاية الأسبوع صادقنا بالإجماع في المجلس الوزاري المصغر على تسريع تطوير وتوسيع حقول الغاز الطبيعي المكتشفة قبالة الشاطئ الإسرائيلي. وأنا عازم على توفير حل واقعي يجلب الغاز للاقتصاد الإسرائيلي. وأنا لن أخضع لاقتراحات شعبوية تبقي الغاز في أعماق الأرض. لقد سبق ورأينا ما يكفي من الدول التي خضعت لتلك الضغوط، وبقي الغاز في الأرض. محظور السماح بحدوث هذا هنا».
وكانت اتهامات قد وجهت لنتنياهو بأنه على صلة مع كبار رجال الأعمال، ولذلك ينبغي عليه عدم المشاركة بدور في القرار بشأن الغاز. وكشفت «هآرتس» عن وثائق تظهر اهتمام الراعي المالي لنتنياهو الملياردير الأميركي شلدون أدلسون بالغاز في إسرائيل، وإرساله مراسلات حول الموضوع إلى رئاسة الحكومة. كما كشفت صحيفة «كلكليست» الاقتصادية أن وزير الخارجية الأميركي جون كيري يملك أسهماً بقيمة مليون دولار في شركة «نوبل إنرجي».
وقد حمل وزير الطاقة والبنى التحتية يوفال شتاينتس على معارضي خطة تقاسم الغاز، مشدداً على أن الخطة تكسر احتكار «نوبل إنرجي» و«ديلك» اللتين تملكان الحقوق في كل من حقول «تمار» و«لفيتان» و«تنين» و«كريش».
وكانت قد جرت أمس الأول تظاهرات في تل أبيب ضد خطة الحكومة، تحت شعار «لا نقبل اتفاقيات سرية، أوقفوا سرقة الغاز». واعتبرت التظاهرة، عبر اللافتات التي حملت، أن الوزراء هم «صبية» رجل الأعمال اسحق تشوفا مالك شركة «ديلك». وقد اعتقلت الشرطة الإسرائيلية أربعة متظاهرين.
وفي كل حال فإن المعارضة في الكنيست تحاول أن تفشل حكومة نتنياهو في أول اختبار مهم، بعدما صار بوسع أعضاء الكنيست رفض خطة تعديل الصلاحية داخل الحكومة. وشرع زعيم «المعسكر الصهيوني» اسحق هرتسوغ بمشاورات مع كتل المعارضة لإقناعهم برفض الاكتفاء بالتصويت الإجرائي على نقل الصلاحيات والمطالبة بنقل كل ملف الغاز من الحكومة إلى الكنيست. وقالت مصادر في حزب «العمل» إن الجهد يبذل لإسقاط خطة الحكومة عن طريق الكشف عن أعضاء الكنيست ذوي المصالح المرتبطة بشركات الغاز لمنعهم من المشاركة في التصويت. ونظرا لأن الائتلاف يضم 61 نائباً فقط، فإن كل تغييب لأي من أعضائه قد يقود إلى سقوط مقترح الحكومة.
وكانت الصحف الإسرائيلية قد أشارت إلى أن ثلاثة وزراء سيمتنعون عن التصويت في الكنيست، وهم موشي كحلون لعلاقاته مع رجل الأعمال كوبي ميمون، ووزير الرفاه حاييم كاتس لامتلاكه أسهماً في شركة للتنقيب عن الغاز، ووزير البناء يؤآف غالانت الذي كان إلى ما قبل عام مديراً عاماً لشركة تنقيب عن الغاز. وميزان الأصوات الآن هو 59 ضد 58 في غير مصلحة الحكومة، لكن هناك تأكيدات بأن ستة أعضاء في الكنيست من «إسرائيل بيتنا» بزعامة أفيغدور ليبرمان قد يصوّتون لمصلحة الائتلاف، ويقلبون النتيجة لمصلحة الحكومة.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق