الخميس، 21 أغسطس 2014

تأجيل المناقصات: لبنان لن يستفيد من عائدات النفط... قريباً

التأجيل المتكرر لإطلاق عمليات استدراج العروض للتنقيب عن النفط والغاز في المياه اللبنانية، والناتج أساساً من الانقسام السياسي الحاد في البلد، قد يمر خبراً عادياً في يوميات اللبنانيين، الذين اعتادوا المماطلة في كل شيء تقريباً. إلا أنه حتماً لا يمر لدى المؤسسات الدولية المتابعة للإقتصاد المحلي من دون تعليق، وهي التي سبق أن حذرت أكثر من مرة من التداعيات السلبية لمثل هذه القرارات.

قبل أيام، قررت وزارة الطاقة والمياه، للمرة الخامسة، تأجيل الموعد المحدّد لاستدراج العروض من 14 آب الحالي إلى 14 شباط 2015، ما استدعى تحذير وحدة "Economist Intelligence Unit" من أن قرار تأجيل المزايدة ستكون له انعكاسات سلبية على التوقعات المستقبلية للبلد واعتبرت أن هذا التأخير يعكس فشل الحكومة في التصديق على المرسومين اللذين يحددان نموذج اتفاق الاستكشاف والإنتاج وعدد مناطق التنقيب البحرية التي ستدرج في المناقصة. ولفتت إلى أن اللجنة الوزارية المكلفة مراجعة مشاريع المراسيم لا تجتمع على أساس منتظم، وتواجه صعوبات للتوصل إلى إجماع وتوافق.
ووفق المؤسسة فإن التأخير سيؤدي إلى ضعف الثقة في قدرة الحكومة على الحفاظ على اهتمام الشركات النفطية الدولية بالمناقصة. ورأت أن لبنان لن يكون قادراً على إملاء شروط تجارية قوية على الشركات النفطية إذا تأخر أكثر.

وأورد تقرير أصدرته الوحدة أن شركات النفط العالمية ليس لديها صورة واضحة عن الشروط التعاقدية للتنقيب وتطوير احتياط النفط والغاز المحتمل في المياه اللبنانية، فضلا عن عدد مناطق التنقيب البحرية التي ستشملها المناقصة، وتتراوح مساحة كل منها ما بين 1259 كيلومتراً مربعاً و2374 كيلومتراً مربعاً.
واعتبرت أن التنقيب عن النفط والغاز في المياه الإقليمية كان يمكن أن يبدأ في أواخر 2015 لو توصّل السياسيون إلى توافق على المراسيم وأنهت السلطات المناقصة في منتصف هذا الشهر. وحذرت من أن التأجيل المتمادي يشير إلى أن الاقتصاد اللبناني لن يستفيد من عائدات النفط والغاز قريباً 

ولفتت «إيكونوميست» إلى أن إجراء المزايدة كان مقرراً أساساً في 4 تشرين الثاني 2013 قبل أن تُرجأ إلى 10 كانون الأول من السنة نفسها، ثم تم تأجيلها مجدداً إلى 10 كانون الثاني 2014، وبعدها إلى 10 نيسان من هذه السنة، ثم إلى 14 آب الجاري قبل أن يقرر وزير الطاقة في قراره رقم 3 تاريخ 8 آب 2014، إرجاء المزايدة 6 أشهر حداً أقصى، من تاريخ إقرار مشروعي مرسومي، تقسيم المياه البحرية الخاضعة للولاية القضائية للدولة اللبنانية في المياه البحرية، ونموذج إتفاق الإستكشاف والإنتاج من قبل مجلس الوزراء


الخطأ الأول

تقول منى سكرية، الشريك المؤسس في Middle East Strategic" Perspectives"، وهي مؤسسة استشارية في بيروت، إن "طرح الدورة الأولى من التراخيص في أيار 2013 كان خطأ ربما، علماً أن المرسومين (المذكورين سابقاً) كانا مفقودين".

ورأت في حديث إلى "المدن" أن هذا الأمر دفع لبنان إلى تأجيل المزايدات خمس مرات في اقل من سنة، ما أثار تعليقات وردود فعل سلبية من المحللين والشركاء في القطاع.  واعتبرت أن النقطة الايجابية الوحيدة في التأجيل الأخير هو أنه وضع حداً لذلك إذجاء في قراره  أن "المهلة النهائية لتقديم العروض يجب أن تكون ضمن ستة أشهر من تاريخ إصداره المرسومين المنتظرين".

أضافت: "بطريقة أو بأخرى يمكننا اعتبار أن قرار وزير الطاقة أرثور نظريان، الذي يُرجّح أن يكون اتخذ بعد مشاورة هيئة قطاع النفط، يُعتبر تغييراً كبيراً عن السياسات الماضية".
وتابعت: "قد يكون صحيحاً أن بعض الشركات تبدي اهتماماً أقل، إلا أن شركات أخرى سبق أن تأهلت للمشاركة وأظهرت تردداً في وقت سابق بسب مشاكل مالية ربما أو صعوبات، أصبحت الآن أكثر حماسة بعدما حسّنت أوضاعها".

توضح سكرية أنّ "تأخير المناصات أو المزايدات ليست استثناءً في عمل قطاع النفط عموما،ً والشركات تدرك حجم المخاطر الموجودة في لبنان، وهي تضع خططها على المديين الطويل والمتوسط وتأخذ هذه الأمور في الحسبان، وإذا كانت الأخطار مرتفعة في الوقت الحاضر إلا أن الرؤية الاستراتيجية لا تؤخذ على المدى القصير، وقرار المشاركة في الدخول إلى القطاع مبنية على مقاييس عديدة، ابرزها استرتيجية الشركة المعنية".

وأكدت أن "الاهتمام في التنقيب في القطاع النفطي اللبناني الذي تُعتبر موارده البحرية واعدة، لا يزال مرتفعاً لكن الشركات لا يمكنها أخذ قرار نهائي الآن سواء سلباً أم إيجاباً طالما أن المناقصة لا تزال متوقفة وبعض العناصر، كالمرسومين المذكورين وقانون الضرائب على النفط، لا تزال غائبة".

وإذ شددت على أن عامل الوقت مهم للبنان، أشارت إلى أن "لبنان متأخر عن جيرانه في التنقيب في مصادره النفطية، ما يعني أن هذه الدول ستستحوذ على حصص في ما يُعتبر أسواقاً طبيعية للبنان، وإذا كان لبنان سيسعى إلى أسواق أبعد فهذا يعني أن بنية تحتية أكثر تطوراً وكلفة ستكون مطلوبة لتوصيل الغاز إلى هذه الأسواق البعيدة".


المصدر: جريدة "المدن" الإلكترونية
الكاتب: هيثم بطش

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق