الثلاثاء، 20 أكتوبر 2015

الخلاف النفطي اللبناني: الإرادة السياسية أولا

http://lebanongasandoil.blogspot.com/2015/10/blog-post_20.html

كرستينا ابي حيدر نصرالله 

في الوقت الضائع الذي يعيشه لبنان بسبب الازمة التي تمر بها المنطقة، مع ما يستتبع ذلك من فراغ سياسي وتعثر مؤسساتي وتراجع اقتصادي، ترتفع اصوات العديد من الخبراء واهل السياسة مطالبة بالبدء الفوري بالتنقيب عن النفط في البحر اللبناني لانقاذ الاقتصاد اللبناني المتعثر، وذلك تحت طائلة الشروع بالتنقيب بما تيسر من امكانيات وتشريعات، وحجة هؤلاء ان النفط سيؤمن استقرارا سياسيا وازدهارا اقتصاديا، بما في ذلك سد الدين العام الذي ترزح تحت أعبائه الخزينة اللبنانية!

في المقابل، يبرز منطق سياسي ـ اقتصادي مضاد يعتبر انه قبل الانطلاق في عملية التنقيب بالتعاقد مع شركات عالمية، لا بد من إعداد العدة القانونية والاقتصادية والمالية كي لا يفقد لبنان ثروته النفطية وتتحكم بها الشركات العالمية وبالتالي بمستقبل اقتصاده وأجياله، مع ما يستتبع ذلك من تأثير في التقديمات الاجتماعية والقطاعات الإنتاجية!

هاتان النظرتان تمثلان فكرَين اقتصاديين ـ اجتماعيين مختلفين، وقد برزتا بشكل واضح في المناقشات التي طرحت في ندوة «السفير» الأخيرة التي عقدت في رئاسة الجامعة اللبنانية تحت عنوان «نفطنا لنا».

السؤال الاساس المفروض طرحه ومناقشته وتفنيده، هو الآتي: هل هنالك ارادة حقيقية لدى الطبقة السياسية اللبنانية بالتنقيب عن النفط، مع ما يتطلبه ذلك من خطوات عملية ومنها تعزيز دور المؤسسات العامة واعطاء دور حقيقي للقضاء اللبناني واستكمال المراسيم التطبيقية ووضع سياسة ضرائبية واضحة وثابتة واعادة النظر بقانون النفط. وتكمن اهمية هذه الخطوات بجعل المصلحة الوطنية العليا هي القاعدة من دون اغفال عوامل جذب الشركات العالمية المحترمة الى اسواقنا وإبعاد اشباه الشركات عنها.

وفي هذا الاطار، يلاحظ عدم التطرق الى التنقيب البري مع وجود مؤشرات واعدة بهذا الخصوص، خصوصا أن عملية التنقيب بالبر أسهل واقل كلفة من التنقيب البحري ولا نزاع حولها من ناحية تحديد الحدود وترسيمها، فضلا عن أن التنقيب البري سيشكل اختبارا مهما للدولة اللبنانية حول كيفية التصرف والتحكم بعائدات النفط خصوصا مع اعتماد سياسة التنقيب المتدرج والطويل الامد، مع ما يتطلبه ذلك من ارادة سياسية بان تكون تلك الثروة عاملا مساعدا في توفير استقرار اقتصادي ـ اجتماعي يساهم في اعادة استنهاض ما تبقى من طبقة وسطى ويخرجنا بالتالي من الاقتصاد الريعي الذي يغرق فيه لبنان منذ عقود من الزمن.

ان افضل تجليات هذا التحدي الاقتصادي ـ الاجتماعي، يتمثل في انشاء شركة وطنية للبترول تعود ملكيتها بشكل كامل للدولة، وتعمل بذهنية وديناميكية القطاع الخاص، على ان يتم تأهيلها وتأمين كادر بشري متمرس يعمل فيها لكي تمنح في مراحل متقدمة اتفاقيات استكشاف وانتاج وتهتم بأغراض تشغيل المنشآت كالنقل والتخزين والتكرير واقامة مصانع للبيتروكيماويات.

من المؤسف القول إنه لتاريخه، لا ارادة حقيقية لدى القابضين على ناصية القرار السياسي في لبنان بالاستفادة من الثروة النفطية، اما الاسباب، فتتمحور حول عدم تغليب المصلحة العامة على كل ما عداها من مصالح شخصية وفئوية وسياسية وانتخابية.

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق